مهدي حبشي
خلفت فكرة تسويق شركة "بيمو" لدفعة من منتوج "ميرندينا"، ضمن أغلفة تحتوي على عبارات من قبيل: "كنبغيك"، "مانقدرش ننساك"، "راك ديما فقلبي"... الكثير من الجدل عل مواقع التواصل الاجتماعي، بين ثنائية الحب ’’كنبغيك’’ والكراهية ’’كنكرهك’’ التي سخر بواسطتها البعض من رافضي الفكرة.
واعتبر مُعَلقون على فيسبوك الفكرة التسويقية "مخلة بالحياء" و"تفسد أخلاق الأطفال"، الذين يعدون أكبر فئة مستهلكة لتلك المواد. داعين إلى مقاطعة منتوج "ميرندينا"، وسائر منتوجات "بيمو"، إلى حين سحب القطع المحتوية أغلفتها على تلك العبارات من السوق.
ومع اقتراب ما يسمى بـ"عيد الحب"؛ أصدرت "بيمو"، دفعة من منتوج "ميرندينا"، مطبوع على أغلفتها الحمراء الاعتيادية، صور إما لشاب أو شابة أو الاثنين معاً، محاطين بالقلوب، ومرفوقين بعبارات اعتبرها بعض المستهلكين "رومانسية" وآخرون "خادشة للحياء".
وشارك بعض البقالة صوراً من محلاتهم التجارية، حيث يظهرون رفضهم لاستلام "ميرندينا" وإرجاعها للشركة؛ مع لافتات تقول إحداها "كرامة البقال فوق كل اعتبار".
بيد أن "اقتصادكم" رصدت نفاد مخزون "ميرندينا" لدى مجموعة من بقالي مدينة الدار البيضاء.
وعلى صفحة "بيمو" على فيسبوك، اختار الغاضبون التعبير عن ذلك عبر تفاعل "أغضبني" على سلسلة من منشورات الصفحة، في حين شهدت التعاليق تراشقاً بين مؤيدين ومعارضين للفكرة.
"تشدد غير مبرر" و"ذكاء تسويقي"..
في الكفة الموازية، استغرب فيسبوكيون آخرون هذا الجدل، معتبرينه لا يعبر سوى عن "تشدد مبالغ فيه"، بحيث كتب أحدهم "إذا كان ميرندينا موجه للدراري الصغار، فكلمات الحب ما عندها علاقة بالمنكر. وإذا كان موجه لمالين العقل، فالحب في جميع الاديان كبير عند الله. ما عرفتش علاش التعبير عن الحب منكر؟".
بدوره، استغرب بوعزة خراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، في تصريح لـ"اقتصادكم"؛ هذا الجدل قائلاً: "لو كتبت تلك العبارات باللغة الإنجليزية، هل كانت ستحدث هذه الضجة؟ منتجات عديدة سوِّقت في الماضي بعبارات مشابهة، لكن بالإنجليزية أو الفرنسية، ومرت مرور الكرام..".
لكن الدكتور خراطي يرى، من جهة ثانية، أن المنتوج موجه للأطفال والمراهقين؛ وقد يكون خطيراً على مشاعر هذه الفئات العمرية استغلالها وتجييشها بغرض بيع منتوج استهلاكي.
مدونون آخرون رأوا في ما أقدمت عليه شركة "بيمو" ذكاء تسويقيا محضاً، أو ما يطلق عليه في أدبيات التسويق بـ"التسويق الفيروسي"؛ الغاية منه خلق نوع من الطنين (Buzz)، عبر العزف على أوتار الطابوهات، واستغلال الذهنية المغربية المحافظة.
الفكرة نفسها ذهب إليها خراطي، معتبراً أن الرابح الأكبر هو الشركة المنتجة: "يساهم هذا الجدل في إشهار المنتوج، والغاية منه جعل "ميرندينا" على كل لسان لزيادة مبيعاتها".
وأضاف المتحدث ذاته أن: "الشركة تراهن على فضول المستهلكين، الذين سيُقبلون خلال هذه الأيام على اقتناء "ميرندينا" للتحقق مما يروج في المواقع الاجتماعية".
فراغ قانوني ومخاوف من الاستغلال السياسي..
كالنار في الهشيم انتشر هاشتاغ #حملة_مقاطعة_ميرندينا ووسم "#ميرندينا" على مواقع التواصل الاجتماعي. ما طرح علامات استفهام حول موقف القانون المغربي من الملصقات المذكورة، وهل تدخل الأخيرة في نطاق مهام هيئات حماية المستهلك؟
بالرجوع إلى القانون 31.08 المحدد لتدابير حماية المستهلك في المغرب، يضمن الأخير للمستهلك المغربي 6 حقوق أساسية، وفقاً لديباجته: الحق في الإعلام، الحق في حماية حقوقهم الاقتصادية، الحق في التمثيلية، الحق في التراجع (عن استهلاك المنتوج)، الحق في الاختيار بين المنتوجات المختلفة، والحق في الإصغاء إليهم.
يتضح من بنود النص السالف وجود فراغ قانوني في هذا السياق، بحيث لا يشترط في اللصيقة المصاحبة لأي منتوج استهلاكي، سوى أن تحدد مضمونه وشكله، وفقاً للمادة 6 من قانون حماية المستهلك.
وفي ما يتعلق بالإشهار، لا تمنع المادة 21 من القانون نفسه على الإشهار سوى أن يحمل ادعاء أو بيانا أو عرضا كاذبا.
وأوضح خراطي أن الشركة لم تقترف زلة قانونية؛ "ثمة فراغ قانوني في هذا السياق، لا قانون الإشهار ولا قانون حماية المستهلك يتطرقان للموضوع. أما المخول له بالجزم في موضوع الإخلال بالحياء فهو المجلس العلمي الأعلى".
"هذا الفراغ القانوني يُصَعب على جمعيات حماية المستهلك إبداء موقف في الموضوع، مخافة استغلاله من طرف جهات سياسية. سيما أن حماية المستهلك نشاط مدني مُترفع على التموقعات السياسية والإديولوجية والدينية..." يختم خراطي.
جدير بالذكر أن شركة "بيمو" اندمجت في منتصف عام 2014 مع شركة أخرى "Kraft Foods" التي استحوذت على الشركة المغربية لتأسيس "مونديليز المغرب"، سنتين قبل ذلك.