اقتصادكم ـ شعيب لفريخ
إن معالجة أزمة ارتفاع أسعار المحروقات تحتاج إلى حوار شفاف بين مختلف الفاعلين بما يمكن من اتخاد قرارات جريئة لوقف غول الزيادات الخارجية والداخلية المفتوحة على المجهول.
فأزمة ارتفاع أسعار المحروقات بالمغرب لم يتم التعامل معها من طرف الحكومة ولحدود الساعة بالجدية اللازمة التي تلزم اتخاد قرارات بنيوية عاجلة، لأن الأمر لا يتعلق فقط بالنسيج الإنتاجي الاقتصادي لوحده وإنما المجتمع برمته.
فوزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة لم تأت بشيء جديد فيما يتعلق باقتراح حلول للأزمة أثناء حديثها أمام لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب يوم الأربعاء الماضي، واكتفت بالتبرير، بل أن حتى بعض المعطيات التي قدمتها حول جدول احتساب أسعار بيع البنزين والغازوال بالسوق الداخلية حسب سعر برميل خام برنت، تم التشكيك فيها من طرف البعض معتبرين أرقام الوزيرة بعيدة عن الحقيقة لأن هناك زيادات على أرض الواقع بحوالي درهمين أو أكثر طيلة الفترة الأخيرة، فوق السعر الذي ينبغي أن يباع به في السوق المغربية.
رئيس جامعة أرباب محطات الوقود قال بأن أسعار المحروقات شهدت زيادتين في أقل من أسبوع بحوالي درهمين ونصف، مما تضرر معه أرباب المحطات بعد ارتفاع تكلفة اقتناء المواد بأزيد من الثلث مما دفع البعض منهم إلى الاقتراض لمواجهة ارتفاع تكاليف استغلال المحطات، هذا في الوقت الذي اشتكى فيه بلاغ أرباب المحطات من غياب الحوار مع المسؤولين.
فأغلبية الفاعلين يشتكون من غياب الحوار المؤسساتي مع الحكومة بشأن إيجاد حلول لأزمة ارتفاع أسعار المحروقات، أما المستهلك فقد " تخلت عنه وتركته يواجه غلاء الأسعار الخارجية والداخلية" على حد قول رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك.
بعض الفرق بالبرلمان والمكتب السياسي لأحد الأحزاب المعارضة، طالبوا يوم الخميس الماضي من الحكومة بفتح حوار مؤسساتي للخروج من أزمة ارتفاع أسعار المحروقات إما بالعودة إلى التسقيف أو اتخاذ مبادرات لمراجعة بنية التسعير ومراجعة الرسوم وهوامش الربح.
ففي الوقت الذي اتخذت فيه دول أخرى إجراءات للحد من آثار ارتفاع أسعار المحروقات على المستوى الخارجي، إما برفع الضرائب المطبقة على المحروقات أو الاكتفاء بنصف الضرائب، وبعض الدول قدمت دعما لجميع المواطنين مثل "شيك الطاقة" بفرنسا، وبعض الدول الأخرى قدمت الدعم للمستهلكين وتدخلت بخفض أسعار المحروقات مثل اسبانيا.
للأسف مازال المغرب يراوح مكانه في قضية دعم بعض مهنيي النقل دون بعضهم الآخر، أما باقي قطاعات النسيج الإنتاجي والتسويقي وباقي المواطنين فلم تلتفت إليهم الحكومة التي يظهر أنها بعيدة في مسلكيتها عن روح دستور 2011 والنموذج التنموي الجديد.
خبير اقتصادي مغربي وصف سوق النفط والغاز بالمغرب بكونه قطاعا غير شفاف وتغيب عنه النجاعة في مجال التسيير، وأن تسقيف الأسعار لن يكون هو الحل، بل ينبغي اتخاذ إجراءات بشأن الشركات المستوردة والموزعة للمحروقات والمستفيدة من الارتفاعات والتي استفادت وتستفيد بشكل واسع وحان الوقت لإجبارها على المساهمة في إيجاد الحلول.
آخرون يقولون بضرورة تفعيل قانون المنافسة والأسعار وتسقيف الأسعار لفترة محددة و تخفيض ضرائب الدولة وإلزام الشركات بتخفيض أرباحها مع اتخاد جميع الإجراءات لاستقرار الأسعار.