اقتصادكم
سجّل المغرب رقما قياسيا في عدد إفلاس الشركات السنة الماضية نتيجة 3 أسباب رئيسية، تتمثل بتأخر حصولها على أثمان منتجاتها، وأثر التضخم على أسعار المواد الأولية، وتداعيات جائحة كورونا.
وبحسب دراسة أصدرها مكتب "أنفوريسك"، المتخصص بالمعلومات القانونية والمالية حول الشركات المغربية، بلغ عدد الإفلاسات المُصرّح بها لدى المحاكم 12397 حالة، بارتفاع سنوي 17.4%، متوقعاً استمرار وتيرة الارتفاع عن المعدل المسجل في السنوات الخمس الأخيرة بنحو 15%.
وفي هذا الصدد، قال أمين الديوري، مدير الدراسات والاتصال في "أنفوريسك"، في تصريح لـ"بلومبرغ الشرق"، أن هذا الرقم يُعتبر الأعلى في تاريخ المغرب، موضحا أن نحو 99% من هذه الشركات المفلسة صغيرة جدا.
وكانت شركة التأمين والاستثمار الدولية "أليانز" ذكرت في تقرير لها، في دجنبر، أن الضغوط التضخمية، وتشديد السياسات النقدية من قِبل بنك المغرب المركزي واضطرابات سلاسل التوريد، تؤثر على الشركات عبر، مقدّرة تجاوز عدد الإفلاسات في المغرب هذا العام مستوى العام الماضي.
وفي السنة الماضية، بلغ التضخم في المغرب حوالي 6.6%، وهو أعلى مستوى مسجل منذ ثلاثة عقود، مدفوعاً بارتفاع أسعار المواد الغذائية نتيجة موسم الجفاف، وقفزة أسعار المحروقات.
من جهة أخرى، قال عبد الله الفركي، رئيس الكونفدرالية المغربية للشركات الصغيرة والمتوسطة، إن العدد الحقيقي للشركات المفلسة يتجاوز 20 ألفا السنة الماضية، أخذا بعين الاعتبار تلك التي تُنهي نشاطها دون اللجوء إلى المحاكم.
كما أشار الديوري أيضا، إلى أن طول "آجال الأداء"، أي مدة حصول الشركة على مستحقاتها المالية بعد تسليم خدماتها أو منتجاتها، يُعد من الأسباب الهيكلية للإفلاس في المغرب، حيث تتجاوز هذه المدة بالنسبة للشركات الصغيرة 200 يوما، وهو ما يؤثر على ماليتها والتدفق النقدي لديها ويعرقل تطورها.
ورغم مرور ثلاث سنوات على جائحة كورونا، ما زالت آثارها مستمرة على الشركات المتوسطة والصغيرة حيث تضررت مداخلها بشكل كبير، لتدخل في مسارٍ تقشفي لخفض التكاليف، فيما اضطرت نسبة مهمة منها لإعلان الإفلاس، وفقا لمدير الدراسات في "أنفوريسك".
كما اعتبر أن ارتفاع أسعار المواد الخام بعد الأزمة الروسية الأوكرانية وتعثر سلاسل الإمداد ساهم في ارتفاع كلفة الإنتاج، ما نجم عنه تدهور في هوامش ربحية الشركات.
وبحسب المندوبية السامية للتخطيط، الهيئة الحكومية المكلفة بالإحصاء، ستشهد استثمارات الشركات المغربية تراجعا خلال السنة الحالية، إذ تُكابد فقط من أجل الاستمرار دون التفكير في الاستثمار، هذا في الوقت الذي تراهن الحكومة على رفع الاستثمار الخاص من الثلث إلى الثلثين بحلول 2035.
وتعتمد شركة "أنفوريسك" في إصدارها السنوي الخاص بإفلاس الشركات على معطيات المحاكم التجارية في المملكة، لكن الرقم الحقيقي أكبر بالنظر إلى عدم لجوء نسبة مهمة من الشركات إلى القضاء لإعلان الإفلاس وتفضيلها الدخول في "سُبات"، أي التوقف عن أي نشاط، كما أفاد أمين الديوري.
وتشير الأرقام إلى أن نحو 20% من الشركات لم تقم بأي نشاط خلال السنوات الخمس الماضية، ما يجعلها في وضع لا هي مفلسة ولا عاملة، وتؤدي الحد الأدنى من الضريبة بانتظار تحسن الظروف.
إلى جانب نسبة الإفلاس المرتفعة، فإن معدل التعويض (أي عدد الشركات الجديدة مقارنة بالمفلسة)، شهد تدهوراً كبيراً، فكل شركة واحدة مفلسة يقابلها إحداث 4 شركات جديدة فقط سنة 2022، مقابل 10 سنة 2009.