مهدي حبشي
أجمع مسؤولو الجامعات المغربية على أن إنعاش ولوجية الطلاب إلى سوق الشغل في طليعة أهداف التحوّل إلى نظام "البكالوريوس"، بدلاً من نظام الإجازة الأساسية.
وشرع نظام " البكالوريوس " أو "باشلور" الجديد في تعويض نظام "الإجازة الأساسية" تدريجيا بالجامعات المغربية، منذ مستهل هذه السنة الجامعية، وطرأت بذلك مجموعة من التطورات على السلك الجامعي الأول سواء على مستوى الشكل أو المضمون.
إذ شهدت كلية الآداب والعلوم الإنسانية "عين الشق" بمدينة الدار البيضاء، بداية هذا الموسم الجامعي، إطلاق ثلاث شعب جديدة لنظام البكالوريوس ، مع الاحتفاظ بمعظم شعب "الإجازة الأساسية"، في ما وُصِف بـ"مرحلة انتقالية" سيعقبها في غضون سنوات قليلة مقبلة حذف كل شعب الإجازة، وتعويضها بشعب موازية بنظام البكالوريوس.
وشمل التحول في بادئ الأمر شُعَب "علم الاجتماع والأنثروبولوجيا التطبيقية"، التي حلت محل إجازة علم الاجتماع، فضلاً عن شعب "مهن الكتاب" و"الدراسات الإسبانية"، التي عوضت نظيرتها في نظام الإجازة الأساسية.
الشعب الأدبية في طليعة المستفيدين
بالرغم من إضافة سنة كاملة للمسار التكويني الجديد مقارنة بسلفه، بحيث يتكون البكالوريوس من أربع سنوات، فضلاً عن مستجداته العديدة التي من شأنها أن تقلق الطلاب وتشكل لهم عامل توجس، بيد أن الإقبال على التكوين فاق التوقعات بحسب مصادر "اقتصادكم" من داخل الكلية، التي أكدت مثلاً أن جُل المسجلين في سلك الإجازة بشعبة علم الاجتماع هذا العام أقبلوا على التحول لنظام البكالوريوس ، رغم أن إدارة الجامعة أبلغتهم بإمكانية الاستمرار في نظام الإجازة الأساسية على أساس تغيير الشعبة.
ووفقاً للمصدر ذاته فإن الفضل في هذا الإقبال يعود للقاء جرى مُستهل الموسم الجامعي، بحضور عميد الكلية وثلة من الأساتذة والمسؤولين عن شعب البكالوريوس ، الذين عمدوا لإقناع الطلبة بالنظام الجديد، لاسيما أن الغاية الأساسية من التحول هي إدماج حملة الشهادة الجامعية المذكورة في سوق الشغل، بعدما أبانت دراسات عدة عن معاناة المُجَازين في السياق ذاته.
وقال مصدرنا إنه بخلاف ما يروج، فإن الأكثر استفادة من نظام البكالوريوس هم طلبة شعب الآداب والعلوم الإنسانية، مردفاً "يحظى طلبة شعبة الاقتصاد والتدبير أو الحقوق بآفاق مهنية مهمة مقارنة بنظرائهم الأدبيين وطلاب العلوم الإنسانية، فالمؤسسات البنكية والمالية فضلاً عن مكاتب المحاماة... مستعدة لاستقبالهم، في وقت يعجز حملة الشهادات العليا في الآداب والعلوم الإنسانية عادة في العثور على وظيفة بفضل شهاداتهم".
اللغات الحية.. كعب أخيل
يُطرح إذن سؤال حول الكيفية التي ينوي بها المسؤولون الجامعيون إنعاش تشغيل الطلاب بفضل نظام البكالوريوس؟ أو بتعبير آخر، أي جديد يأتي به التكوين المذكور في سبيل تلك الغاية؟
يشير مصدرنا إلى أن أول مستجد يصب في هذا الباب تركيز البكالوريوس على تلقين اللغات الحية للطلبة، وذلك بتقنيات حديثة تستفيد من التطور التكنولوجي والرقمي في مجال التدريس.
"هذا يفسر أيضاً العام الإضافي في التكوين، إذ قُسمت المواد الأساسية للشعب على أربع سنوات بدل ثلاث بغاية إفساح مجال أوسع لتعليم اللغات، والتي تعد من أشد نقاط الضعف المهددة لقابلية الطلبة للتشغيل بعد التخرج" يؤكد مصدرنا.
ويستفيد طلبة البكالوريوس من حصص في كلتا اللغتين الفرنسية والإنجليزية، معاملهما 6، أي نفس قيمة المواد الأساسية. وسيكون تدريسها، بالموازاة مع النمط التقليدي الحضوري، عبر منصة إلكترونية أطلق عليها مسمى "ENT"، أو "الفضاء الرقمي للعمل" التابع للجامعة، والذي يتيح للطالب ولوج تطبيق "لغات"، والاستفادة من دروس في كلتا اللغتين على الحاسوب أو الهاتف. وذلك بعد إجراء اختبار أولي، يتيح لكل طالب على حدة الاستفادة من دروس تناسب مستواه القبلي، وبتوقيت مرن من اختياره.
"سوفت سكيلز".. الجامعة في خدمة المهارات الحياتية والمهنية.
وفضلاً عن التكوين في اللغات الحية، سيستفيد طلبة "باشلور" من تكوين في المهارات المهنية Professional skills. وهي عبارة عن حصص لتلقين كل ما يتعلق بالحياة المهنية، "مثلاً كيفية كتابة نهج سيرة ذاتية، قد يبدو الأمر غريبا، لكن الواقع يقول إن عدداً لا يستهان به من الطلاب لا يتقنون إنشاء نهج سيرة ذاتية بأسلوب عملي يحفز المشغلين على توظيفهم". يؤكد المتحدث نفسه.
علاوة على ذلك، يتيح هذا التكوين، الذي يجري بدوره توازياً بين حصص حضورية وأخرى عبر منصة "Coursera" الرقمية، تعلم قواعد المقابلات المهنية، وفن إقناع المشغلين بمؤهلات المرشح الشخصية والمهنية وحثهم على انتقائه بين عشرات المتبارين لأجل الوظيفة.