اقتصادكم
مع وجود طلب حقيقي على السكن، لا يزال التحدي الأساسي هو الإنتاج المكثف في المناطق التي تعرف طلباً قوياً. ورغم التحديات التي يواجهها، فإن القطاع العقاري قد يستفيد إيجاباً في السنوات القادمة من الدينامية التي سيخلقها مشروع مونديال 2030، الذي أصبح عاملاً محورياً في تحريك الأوراش الكبرى على الصعيد الوطني.
ركود في المبيعات... ولكن الأمل قائم
وأكد أمين المرنيسي، خبير في المجال العقاري، في حوار مع Finances News Hebdo أن القطاع العقاري يمر بمرحلة "شك وتردد"، خاصة بعد صدور مؤشرات مؤشر أسعار الأصول العقارية (IPAI)، الذي تنشره بنك المغرب والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية.
فحسب أرقام الربع الأول من سنة 2025، تراجعت المبيعات العقارية بنسبة 30% مقارنة بالربع السابق، دون أن تنخفض الأسعار بنفس الحدة. هذا الانخفاض الحاد في المعاملات يثير القلق، لكنه لا يُعد حُكماً نهائياً، إذ أن المؤشرات الفصلية كثيراً ما تشهد تقلبات وتعديلات في الاتجاه من فصل لآخر.
وأشار المرنيسي إلى أن هذه الإحصاءات تشمل فقط السوق الثانوي (العقارات المستعملة)، ولا تعكس وضعية سوق السكن الجديد الذي لا يدخل ضمن نطاق هذه المؤشرات. كما أن أرقام الربع الثاني من السنة لم تُنشر بعد، وقد تحمل مفاجآت إيجابية. ومن جهة أخرى، تُعرف فترة الصيف تقليدياً بنشاط كبير في السوق، خصوصاً من طرف الجالية المغربية المقيمة بالخارج، ما قد يُحسن من المؤشرات المرحلية.
قطاع البناء في صعود... لكن العقار السكني له خصوصياته
وحول إمكانية حدوث "طفرة مفرطة" في السوق العقاري، قال المرنيسي إن الأداء القوي حالياً يخص قطاع البناء والأشغال العمومية (BTP)، وليس العقار السكني بالضرورة.
وأوضح أن قطاع الـBTP يستفيد حالياً من مشاريع ضخمة تتعلق بتأهيل البنية التحتية، وتجهيز المدن، واستعدادات مونديال 2030، مشيراً إلى أن هذه الدينامية لها تأثير غير مباشر على العقار السكني، لكنه تأثير محدود.
ويرى المرنيسي أن السوق العقاري السكني يظل قبل كل شيء سوقاً للأفراد، ما يجعله أكثر حساسية لعوامل متعددة، من بينها ارتفاع تكاليف الإنتاج (المواد واليد العاملة) وندرة الأراضي القابلة للتعمير وارتفاع أسعارها وضغط جبائي متزايد وصعوبة الولوج إلى التمويل البنكي وتقلبات الظرفية الاقتصادية العالمية.
وأضاف أن هذه التحديات، بالإضافة إلى الضبابية الجيوسياسية والاقتصادية على الصعيد الدولي، يمكن أن تؤثر على قدرة السوق على التعافي، باعتباره أحد محرّكات الاقتصاد الوطني.
دعم سكن في حاجة إلى تحديث عميق
في ختام حديثه، شدد أمين المرنيسي على ضرورة إعادة النظر في برنامج "دعم سكن" ليصبح أكثر ملاءمة للواقع الحالي، وأكثر قدرة على الاستجابة لانتظارات المنعشين العقاريين والمواطنين على حد سواء. فالمعادلة اليوم لا تكمن فقط في توفر الطلب، بل في القدرة على الإنتاج في المكان والوقت المناسبين.
ويبدو أن الفرصة سانحة، خاصة في ظل الزخم الذي سيولده مونديال 2030، شريطة إصلاحات هيكلية تتناول التمويل، والعقار، والجباية، وتيسير المساطر الإدارية.