تحديات العدالة المائية تواجه رهان تحلية المياه والتدوير بالمغرب

آخر الأخبار - 05-07-2025

تحديات العدالة المائية تواجه رهان تحلية المياه والتدوير بالمغرب

 اقتصادكم

 

في الوقت الذي يتجه فيه المغرب نحو حلول غير تقليدية لمواجهة ندرة المياه، وعلى رأسها تحلية مياه البحر وإعادة استعمال المياه العادمة، حذّرت غالية مختاري، المحامية والباحثة في قضايا السيادة المائية، من المخاطر الاجتماعية والمجالية التي قد تنجم عن هذا التوجه إذا لم يكن مصحوبًا بإصلاحات مؤسساتية وضمانات للعدالة.

وفي تصريحها لصحيفة Finances News Hebdo، أوضحت مختاري أن هذه الخيارات التقنية، رغم ضرورتها الاستراتيجية، تبقى مكلفة مالياً وقد تؤدي إلى تعميق الفجوات بين المناطق والطبقات الاجتماعية ما لم تتم إدارتها بصرامة وعدالة.

تكلفة مرتفعة ومخاطر تمييز مجالي

أولى التحديات المطروحة، حسب مختاري، تتمثل في التكلفة العالية لإنتاج الماء المحلى، والتي قد تصل إلى 10 أو 15 درهماً للمتر المكعب، وهو مبلغ يفوق القدرة الشرائية لشريحة واسعة من السكان، خصوصًا في المناطق الريفية وشبه الحضرية. في هذا السياق، حذّرت من ظهور "نظام مائي بسرعتين" تستفيد فيه فقط المناطق ذات القدرة الاقتصادية من الماء المكرر أو المحلى، بينما تُقصى الفئات الهشة.

ولتفادي هذا السيناريو، دعت إلى إرساء آليات للتضامن المالي من خلال إحداث صندوق وطني للولوج العادل للماء، يتم تمويله عبر رسوم على الاستخدامات المكثفة أو الأقل نجاعة للمياه.

تفاوت الاستثمارات وتهميش المناطق الداخلية

التحدي الثاني، بحسب مختاري، هو تمركز الاستثمارات في المناطق الساحلية ذات الكثافة السكانية والعائد الاقتصادي المرتفع، على حساب الأقاليم الداخلية أو الهامشية. وأكدت أن الحق في الماء مكفول في الفصل 31 من الدستور المغربي، ويجب على الدولة أن تضمن تحقيقه فعليًا في كل ربوع البلاد.

وشددت على أن الشراكات بين القطاعين العام والخاص (PPP) لا ينبغي أن تُدار وفق منطق ربحي صرف، بل داخل إطار منظم يرتكز على المصلحة العامة. ولهذا، دعت إلى إدماج معايير اجتماعية ومجالية واضحة في تخطيط وتوجيه الاستثمارات.

عقود غير متوازنة وحاجة إلى صرامة قانونية

في ما يخص الحكامة، سلطت مختاري الضوء على الاختلالات التعاقدية في مشاريع التحلية والتدوير، حيث يتم غالباً نقل جزء كبير من المخاطر المالية إلى الدولة أو المستهلكين، في غياب التزامات واضحة من الطرف الخاص من حيث الأداء البيئي أو الخدمة الشاملة.

ولمواجهة ذلك، دعت إلى تحسين جودة العقود المبرمة، عبر إدماج بنود واضحة بشأن الأداء، والمراجعة الدورية، والتعرفة، والخدمة الشاملة وتكوين مسؤولي المؤسسات العمومية على التفاوض وصياغة الشراكات وتعزيز الرقابة المستقلة على تنفيذ المشاريع.

نحو سيادة مائية عادلة

وختمت مختاري بأن نجاح الانتقال إلى الموارد غير التقليدية لا يمكن أن يتحقق فقط عبر الحلول التقنية أو التمويلية، بل يجب أن يكون مؤسساً على رؤية متكاملة للعدالة المائية، تقوم على التضامن المجالي، وتقاسم المسؤولية، والشفافية في التسيير. وأضافت: "بهذه الشروط فقط يمكن لتحلية المياه وإعادة استخدامها أن تتحول إلى رافعة حقيقية للسيادة المائية، دون أن تزيد من تعميق الفوارق الاجتماعية والمجالية."