اقتصادكم
استحضرت اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، أن إحداثها كان بهدف مواصلة المهام الموكولة إلى المجلس الوطني للصحافة، بالإضافة إلى المهام الجديدة التي أنيطت بها، ولاسيما ما نصت عليه المادة 4 من القانون رقم 15.23 المحدث لها، والمتمثلة في إجراء تقييم شامل للوضعية الحالية لقطاع الصحافة والنشر، واقتراح الإجراءات الهادفة إلى دعم أسسه التنظيمية.
وأثناء جمعيتها العمومية، يوم 15 يوليوز 2025، ومن بين النقاط المدرجة في جدول الأعمال، التي تم التداول فيها باستفاضة، مشروع القانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، ومشروع القانون رقم 27.25 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين.
وحسب بلاغ للجنة، فقد أنجزت هذه المهمة، في الآجال المحددة في القانون المذكور، وسلمت حصيلة عملها إلى الحكومة. وقد شملت هذه الحصيلة المحاور التالية:
1- بعد أن قامت بتشخيص شامل ودقيق لواقع المقاولة الصحافية بالمغرب، اعتبرت اللجنة أن أي عملية إصلاح لقطاع الصحافة، ينبغي أن تمنح الأولوية لواقع المقاولة ووضعها الاقتصادي ومواردها البشرية ومحيطها التجاري. وفي هذا الصدد سجلت الهشاشة الواضحة في بنية أغلب المقاولات الموجودة، وخاصة في الصحافة الإلكترونية، التي تعاني من غياب الضمانات المالية والبرامج الاستثمارية وآفاق التطور والنمو، مما ينعكس على هياكلها التحريرية والإدارية.
واقترحت أن يتم اعتماد إصلاح قانوني، يلزم كل من يسعى إلى الاستثمار في هذا القطاع إلى احترامه، حتى تتوفر الضمانات المالية والاقتصادية واللوجيستيكية الضرورية، والشروط التنظيمية والبشرية الكفيلة بتقديم منتوج تتوفر فيه مواصفات العمل الصحافي.
2- أولت اللجنة لمحور تحصين المهنة، أهمية خاصة، في كل ما يتعلق بشروط منح بطاقة الصحافة المهنية، من مختلف الجوانب القانونية والأكاديمية والإدارية، واقترحت أيضا أن يتوفر مدير النشر ورئيس التحرير على شروط مهنية وأكاديمية، إضافية، لتلك التي ينبغي أن تتوفر في الصحافي المهني، بهدف تقوية العمل الصحافي. والرفع من كفاءات المسؤولين الذين يؤطرون هذا العمل، للسعي إلى تحسين ما يقدم للمجتمع من منتوج صحافي وإعلامي.
3- أنجزت اللجنة دراسة حول واقع التكوين والتكوين المستمر في الصحافة والإعلام، ووقفت عند العديد من السلبيات والإكراهات، التي يعاني منها هذا القطاع على مستوى الخصاص المسجل في الإمكانات اللوجيستيكية، وعلى مستوى تخلف البرامج والمقررات، وضعف التأطير البشري في أغلب المؤسسات، الخاصة والعمومية، وقدمت عدة توصيات واقتراحات، حول ضرورة إجراء إصلاح شامل في المضامين التي تدرس، لمواكبة التحولات الحاصلة في المهنة وتكنولوجيات التواصل الحديثة، واعتماد سياسة عمومية لتكوين المكونين، وإنشاء هياكل قارة للتكوين المستمر.
4- كما قدمت اللجنة عدة اقتراحات تتعلق بممارسة حرية الصحافة، وتبسيط مسطرة البت في الشكايات المقدمة بخصوص انتهاك الأخلاقيات، ونظام التأديب، ومعالجة الإشكالات التي تهم الوساطة والتحكيم في النزاعات المعروضة على المجلس الوطني للصحافة، وغيرها من السلبيات التي تم تشخيصها وتسجيلها في القانون الحالي المعمول به، من أجل تجاوز الثغرات القانونية، التي أكدت التجربة أنها تحتاج إلى إصلاح، حتى يتقدم التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة في أداء وظائفه وأدواره المنتظرة من طرف الصحافيين والمجتمع.
5- قامت اللجنة بمراجعة التجارب الدولية في موضوع مجالس الصحافة، ودرست كيفية تشكيلها و بنياتها وصلاحياتها ووضعها القانوني، في أوروبا وكندا وأستراليا وآسيا وإفريقيا، وفي العديد من البلدان التي عرفت هذه التجارب، التي وصلت إلى 38 حالة، التي تتباين فيها منهجية تأسيس هيئات التنظيم الذاتي، منها ما يتم بشكل تلقائي في إطار توافق بين الهيئات المهنية، ومنها ما يتم إحداثه بقانون، قبل التأسيس، أو بعده، وضمنها من تساهم كل من الحكومة والبرلمان في انتداب الأعضاء، ومنها ما يعتمد نظاما مختلطا بين التنظيم التلقائي والدعم الحكومي، من خلال وضع معايير التأهيل للأعضاء المنتدبين، وبصفة عامة، إن مختلف هذه التجارب، تؤكد أن نضج المهنيين وتوافقهم هو أفضل سبيل لإنجاحها، مع إشراك الحكماء وتمثيليات من المجتمع، وتعزيز التنظيم الذاتي بالقانون.
6- إن ما قدمته اللجنة للحكومة، هو نتيجة تجربة راكمها عضوات وأعضاء اللجنة، في ممارستهم المهنية، وفي تجربة المجلس الوطني للصحافة، وخلاصات التشخيص والتقارير والدراسات، التي أنجزتها، في إطار المادة 4 من القانون المحدث لها.
كما أنها أجرت مشاورات مع سبع (07) هيئات مهنية، للصحافيين والناشرين، عرضت أهم ما ورد فيها، في التقرير الذي سلمته للحكومة، وسعت إلى أن يتضمن هذا التقرير اقتراحات هذه الهيئات في محور التنظيم الذاتي للمهنة، واستنتجت منها خلاصات تركيبية، بناء على رأي أغلبية التنظيمات التي استقبلتها، وعلى أساسه قدمت اقتراحاتها، التي أخذت بعين الاعتبار، أيضا، النماذج الدولية في التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة، المشار إليها.
7- إن اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، إذ تتطلع إلى أن يتواصل إصلاحقطاع الصحافة في شموليته، لاسيما ما يتعلق بالمقاولة الصحافية وشروط الاستثمار فيها وهياكلها الداخلية التي ينبغي أن تكون أكثر احترافية تعتمد معايير الحكامة المعمول بها في التجارب المتقدمة، مع توفير المقومات التي تتيح لها مواكبة التطورات التكنولوجية، بالإضافة إلى ترشيد محيطها الاقتصادي والتجاري، وخاصة قطاع الإشهار، فإنها تعتبر أن النجاح في هذا الورش الوطني الكبير، يتطلب مراجعة شروط الولوج إلى المهنة، وإعادة هيكلة قطاع التكوين والتكوين المستمر، ووضع برامج لتأهيل الاستثمارات الجديدة في هذا القطاع. كل هذا لا يمكن أن يتم دون الاهتمام الخاص الذي ينبغي أن يولى للموارد البشرية، وفي هذا الصدد اقترحت اللجنة إحداث مؤسسة للأعمال الاجتماعية، على غرار ما هو معمول به في مهن أخرى، تتولى تقديم خدمات لكل العاملين في قطاعات الصحافة والإعلام.
أما في ما يتعلق بموضوع مشروع القانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة ومشروع القانون رقم 27.25 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين اللذين قدمتهما الحكومة، والمعروضين للمناقشة حاليا في البرلمان، فإن اللجنة تسجل أنهما تجاوبا في جزء هام منهما مع مقترحاتها، مستحضرة في ما يتعلق بمحور التنظيم الذاتي للمهنة، أنه لا يمثل إلا جزءا في منظومة الصناعة الإعلامية الهدف الرئيسي منه هو الحرص على احترام أخلاقيات الصحافة، كمطلب يتوافق حوله المهنيون ويتطلع إليه المجتمع الذي ينتظر من القطاع تقديم عمل صحافي يحترم كرامة الناس، ومنتوج جيد يتجاوب مع متطلبات الإخبار والتثقيف والتربية والترفيه الراقي.