اقتصادكم
في وقت يشهد فيه العالم اضطرابات غذائية ومناخية متزايدة، يبرز المغرب كنموذج فريد في تحقيق التوازن بين الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية، بفضل سياسة فلاحية متقدمة جعلت من القطاع الزراعي ركيزة أساسية في دعم الاقتصاد الوطني.
كما تمكنت المملكة، عبر استراتيجية تصديرية متكاملة وشراكات دولية متينة، من مضاعفة صادراتها الفلاحية خلال العقدين الماضيين، لترسخ موقعها كمحور رئيسي في التجارة العالمية للفواكه والخضر، ومورد موثوق للأسواق الأوروبية والناشئة.
نهضة فلاحية تعزز الأمن الغذائي المغربي
وذلك ما نوهت به صحيفة “آس” الإسبانية، التي أبرزت أن المغرب رفع صادراته الزراعية بنسبة 120% بين عامي 2005 و2023، في وقت تضاعفت فيه قيمتها خمس مرات، وهو ما يعكس التحول البنيوي الذي عرفه الاقتصاد الفلاحي المغربي في السنوات الأخيرة.
وتابعت “آس” أن هذا الأداء اللافت جاء بعد أن تجاوز المغرب تداعيات موجات الجفاف التي أثرت في الإنتاج الزراعي، مبرزة أن القطاع الفلاحي استطاع بفضل تحديث البنية التحتية وتطوير أنظمة الريّ الذكي الحفاظ على تنافسيته في الأسواق العالمية.
صادرات قياسية تضع المملكة في صدارة الأسواق العالمية
وأفاد التقرير الإسباني بأن المغرب بات اليوم من أبرز الفاعلين في التجارة الدولية للفواكه والخضر، بعدما انتقل من دور إقليمي محدود إلى موقع مؤثر على الساحة الدولية، مشيراً إلى أن محاصيل الأفوكادو والطماطم تظل الأكثر تنافسية ضمن قائمة صادرات المملكة.
كما اعتبر المصدر أن الإنتاج المغربي من الفواكه شهد نمواً بنسبة 33% خلال العقدين الأخيرين، مدعوماً بسياسات استثمارية متواصلة في سلاسل القيمة الفلاحية، إذ أصبحت الطماطم تشكل العمود الفقري لصادرات الخضر المغربية بما يقارب 600 ألف طن سنوياً.
توسع استراتيجي نحو الأسواق الآسيوية والأوروبية
وأبرز أن المعطيات الأخيرة الصادرة عن منصة "إيست فروت" في أبريل 2025 أظهرت أن المغرب يتقدم بثبات في الأسواق الزراعية العالمية، خاصة بعد توسّعه نحو الأسواق الآسيوية عبر شراكة ثلاثية جمعت مجموعة Delassus المغربية ومنظمة الفاو والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (BERD).
واسترسل التقرير موضحاً أن نمو الصادرات الفلاحية المغربية بلغ نحو 500% خلال العقدين الماضيين، مدفوعاً بتنويع المنتجات والانفتاح على أسواق جديدة، لتستقبل كل من المملكة المتحدة وهولندا 29% من إجمالي الصادرات المغربية، بينما تستحوذ فرنسا وإسبانيا على 49%.
وزاد موضحاً أن الولايات المتحدة وكندا تواصلان استيراد الحوامض المغربية بوتيرة مستقرة، في حين تبقى الواردات الإيطالية من المنتجات المغربية متواضعة لكنها ثابتة، ما يؤكد التنافسية المتنامية للمغرب داخل الفضاءين الأوروبي والمتوسطي.
واعتبر التقرير أن هذه النتائج تعكس تحولا استراتيجياً عميقاً في النموذج الفلاحي المغربي، القائم على التصدير المستدام والابتكار في الإنتاج، وهو ما مكن المملكة من ترسيخ مكانتها كأحد أبرز المزودين الرئيسيين للأسواق الأوروبية والناشئة على السواء.
ولفت إلى أن هذا المسار يعكس نجاح السياسة الفلاحية للمغرب، التي تمزج بين الطموح الاقتصادي والرؤية البيئية، لتجعل من الزراعة المغربية رافعة أساسية للأمن الغذائي الإقليمي، وعنصراً فاعلاً في التجارة الدولية للفواكه والخضر.