اقتصادكم- عبد الصمد واحمودو
رغم الإمكانيات الكبيرة التي باتت تتوفر عليها كرة القدم الوطنية، والنتائج اللافتة التي حققها المنتخب المغربي في السنوات الأخيرة قاريا وعالميا، يظل سؤال الغياب عن التتويج بكأس إفريقيا للأمم منذ سنة 1976 مطروحا بقوة في الساحة الرياضية، هذا الإخفاق المتواصل، رغم تعاقب أجيال ومدربين، يفتح باب النقاش حول الأسباب الحقيقية التي حالت دون عودة اللقب القاري إلى خزائن الكرة المغربية، خاصة في ظل ما يتوفر اليوم من مواهب وبنيات تحتية ورؤية كروية أكثر وضوحا.
وفي حوار مع الإطار الوطني والناخب السابق بادو الزاكي، خص به موقع "اقتصادكم"، توقف عند الأسباب التي جعلت المنتخب المغربي عاجزا عن التتويج بكأس إفريقيا للأمم منذ لقب 1976، مسلطا الضوء على مجموعة من العوامل التقنية والذهنية والتحكيمية التي أثرت في مسار “أسود الأطلس” خلال المحطات القارية السابقة.
الحوار:
ما الذي يجعل المنتخب المغربي، منذ تتويجه بكأس إفريقيا سنة 1976، غير قادر على إحراز اللقب مجددا؟
كرة القدم، وخصوصا في تظاهرة كبيرة بحجم كأس إفريقيا، لا تعتمد فقط على توفر الإمكانيات أو جودة اللاعبين، هناك مجموعة من العوامل الأساسية التي يجب أن تسير كلها في صالح المنتخب من أجل التتويج.
أولا، لا بد من التوفر على لاعبين في مستوى عال، قادرين على الحسم في اللحظات الحاسمة.
ثانيا، يجب أن يكون الفريق فعالًا أمام المرمى، لأن خلق الفرص وحده لا يكفي دون تسجيل.
ثالثا، الأخطاء الفردية ينبغي أن تكون في حدها الأدنى، لأن أي هفوة قد تكلف الإقصاء.
رابعا، من الضروري أن تكون القرارات التحكيمية عادلة، لأن الظلم التحكيمي كان حاضرا في عدة مناسبات.
خامسا، يجب تفادي الغيابات المؤثرة، لأن فقدان لاعب أو أكثر قد يخل بتوازن المجموعة.
ولقد رأينا هذا في العديد من البطولات، وحتى في كأس العالم، حيث قد تقدم مباراة كبيرة وتتفوق على خصمك، لكنك تخسر بسبب تفاصيل صغيرة، إذا اجتمعت هذه العوامل ضدك، يصبح التتويج أمرًا صعبًا، مهما بلغت قوتك.
كيف تقيمون مستوى المنتخب المغربي في الفترة ما قبل كأس أفريقيا؟
أنا متفائل بما قدمه المنتخب المغربي، سواء من حيث الأداء أو النتائج، فالمنتخب حقق أرقاما مهمة، وانتصر على منتخبات كبيرة وعالمية، وتأهل إلى كأس العالم بجدارة، الأرقام هي التي تتحدث.
ومن الضروري التذكير أن لدينا مجموعة متوازنة، قادرة على خلق الفرص، وتفرض أسلوب لعبها على الخصوم. صحيح أن هناك بعض الانتقادات، لكن بدل التركيز على السلبيات، يجب دعم المنتخب وتشجيعه، لأن هذا الجيل يستحق الثقة.
ما الفرق بين جيل 2004 الذي بلغ النهائي، والجيل الحالي للمنتخب المغربي؟
الفرق الأساسي يكمن في الاحتراف، اللاعبون الحاليون يلعبون بانتظام في أعلى المستويات مع أنديتهم، وهم عناصر أساسية في فرقهم، عكس بعض الفترات السابقة التي كان فيها اللاعبون يعانون من قلة المشاركات.
كما أن البنية التحتية، والتكوين، والعمل القاعدي تطور بشكل كبير، وهو ما نلمس نتائجه اليوم في مختلف الفئات السنية، وحتى في كرة القدم النسوية.
كيف ترون عمل الناخب الوطني وليد الركراكي، وهو أحد لاعبي جيلكم السابق؟
أنا فخور بوليد الركراكي وبما حققه، هو مثال للاعب الوطني الذي شق طريقه في التدريب بنجاح، سواء مع الأندية أو مع المنتخب الوطني. الإنجاز الذي حققه في كأس العالم يُعد مفخرة لكرة القدم المغربية.
اليوم، لدينا أطر وطنية كفؤة، وإدارة تقنية تعمل وفق رؤية واضحة، وهذا يمنحنا الثقة في المستقبل.
هل ترون أن الضغوطات الخارجية قد تؤثر على اختيارات المدرب؟
لا أعتقد ذلك، الاختيارات التقنية يجب أن تبقى بيد الناخب الوطني فقط، وهو المسؤول الأول والأخير عنها، كرة القدم لا تدار بالعواطف أو الضغوط، بل بالكفاءة والاستحقاق.
كلمة أخيرة توجهونها لهذا الجيل من اللاعبين؟
أقول لهم: استمروا في العمل، وآمنوا بإمكانياتكم، وركزوا على التفاصيل الصغيرة، لأنها هي التي تصنع الفارق في البطولات الكبرى. كرة القدم لا تعترف إلا بالعطاء داخل الملعب، والتتويج يحتاج إلى مجهود، صبر، وقليل من الحظ.
المغرب يسير في الطريق الصحيح، وما تحقق لم يأتِ من فراغ، بل نتيجة عمل واستراتيجية واضحة. الألقاب ستأتي في الوقت المناسب.