اقتصادكم
حينما يتم الخوض في موضوع "الاقتصاد"، يتسيد مفهوم سعر الفائدة، على اعتبار أن الأمر يتعلق بأداة اقتصادية ومالية تكتسي قدرا كبيرا من الأهمية، وهي التي تحدد توجهات النمو والاستهلاك.
ولئن كانت تبعاته تطال كل فاعل اقتصادي، وأن أدنى اختلاف أو تمايز، له عواقب، فإن يتعين تفكيك شيفرات هذا الرقم العشري. أداة حصرية في يد البنك المركزي
تتمثل إحدى المهام الرئيسية للبنك المركزي المغربي، بنك المغرب، في تطوير وتنفيذ السياسة النقدية بغرض الحفاظ على استقرار الأسعار. ومن بين الأدوات التي يتوفر عليها بنك المغرب، هناك سعر الفائدة.
ويتعلق الأمر بشكل ملموس، بالسعر الذي يقرض به بنك الدرجة الأولى، المعروف باسم البنك المركزي، الأموال للبنوك التجارية أو البنوك من الدرجة الثانية. ومن خلال وظيفته الرئيسية، فإن هذا المعدل الأساسي هو الذي يحدد الأسعار في سوق رؤوس الأموال.
وهكذا يمكن سعر الفائدة من التحكم في الكتلة النقدية المتداولة، من أجل التحكم في ديناميات الركود أو التضخم. ففي فترات الركود، والتباطؤ الذي يسم النشاط الاقتصادي، يمكن خفض سعر الفائدة، من تحفيز النمو. وعلى النقيض من ذلك، يتم تقييمه في حالة الرفاه والازدهار لاحتواء التضخم.
تأثير سعر الفائدة على الاقتصاد
كما يدل اللفظ، يؤثر سعر الفائدة على أسعار الفائدة التي تقترض بها البنوك الأموال (أسعار الفائدة الدائنية) وتلك التي تقرض بها البنوك الأموال (أسعار الفائدة المدينة)، كما يوضح الخبير الاقتصادي والمتخصص في السياسة النقدية، عمر باكو.
ويعتمل تأثير سعر الفائدة على أسعار الفائدة الدائنية من خلال الآلية التالية: عندما يحين ويغير البنك المركزي سعر فائدته الرئيسي (لنفترض باتجاه التخفيض)، فهذا يعني أنه يتعهد بإقراض الأموال للبنوك بسعر فائدة مخفض. مما سيتعين معه على البنوك بدورها خفض معدل إقراض الأموال.
وبالموازاة مع ذلك، يؤثر التغيير في سعر الفائدة (لنفترض باتجاه التخفيض) على معدلات فائدة الإقراض، وبالتالي على معدل الكلفة الإجمالية للموارد البنكية المكونة من الموارد المجانية (الودائع تحت الطلب التي يودعها الزبناء لدى البنوك بسعر فائدة صفر) والودائع لأجل.
وينطوي خفض كلفة الموارد البنكية على ضغط يطال معدلات إقراض البنوك (القروض الاستهلاكية، والقروض الموجهة للمقاولات، وسندات الخزينة).
فمن خلال تأثيره المباشر على كلفة القروض، يتحكم سعر الفائدة في الديناميات الماكرواقتصادية الوطنية. كما أن استخدامه يمكن أن يؤدي إلى تحفيز النمو أو كبحه، وفق ما تقتضيه نصوص السياسة النقدية والظرفيات الاقتصادية.
الأزمة الصحية: سعر الفائدة لإنقاذ الاقتصاد الوطني
وبالنظر إلى مرونتها واستباقيتها، مكنت السياسة النقدية التي أقرها بنك المغرب من احتواء تداعيات الوباء عن طريق خفض سعر الفائدة بما قدره 25 نقطة، إلى 2٪ ثم إلى المعدل الحالي 1.5٪ في يونيو 2020. ويشكل هذا السعر الذي يعد الأدنى، مكون ا مهم ا في سياسة "التسهيل النقدي" التي اعتمدها بنك المغرب في أعقاب التوقف المفاجئ للنشاط الاقتصادي بسبب الأزمة الصحية، والتي رامت بالنسبة للسلطة النقدية، ضمان نفاذ المقاولات والأسر إلى الائتمان .
وتتضمن هذه السياسة مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى تحسين الموارد البنكية، لا سيما التحرير الكامل للاحتياطيات النقدية الإلزامية للبنوك لدى بنك المغرب. مرحلة ما بعد الجائحة ..
بعد تحسن الوضع الصحي بالعالم، تم تسجيل ارتفاع في الأسعار. ويعزى هذا التضخم المستورد بشكل أساسي إلى زيادة الطلب مقابل العرض المحدود بسبب صعوبات العرض العالمية. لكنه لا يزال، مع ذلك، في نطاق المتحكم فيه، بفضل الحفاظ على سعر الفائدة الرئيسي عند 1.5٪ بغرض الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين وتهيئة الظروف المثلى للنمو الاقتصادي.
لأجل ذلك، لم تعد هناك حاجة إلى إثبات مركزية سعر الفائدة كأداة للتنظيم النقدي. ولكونه محفز ا للنمو وكابح ا للتضخم، فإن سعر الفائدة مدعو للعب دور رئيسي في الانتعاش الاقتصادي، الجاري بالفعل في المملكة، بعد تفشي الوباء. وفي انتظار الاجتماع المقبل لبنك المغرب، المقرر يوم الثلاثاء المقبل، تتضارب آراء الخبراء بشأن إعادة تقييم محتملة لهذا السعر.