اقتصادكم-حنان الزيتوني
يشهد قطاع الابتكار الرقمي في المغرب دينامية جديدة تقودها مبادرات شبابية تسعى إلى بناء جيل متمكن من أدوات التكنولوجيا الحديثة، في هذا الإطار، وقد برزت منصة Pathacks.com كأحد المشاريع المغربية الطموحة في مجال تكوين المبرمجين وتعزيز القدرات الرقمية للشباب.
وللحديث عن هذا المشروع وأهدافه المستقبلية، أجرى موقع "اقتصادكم" حوارا مع عبداللطيف بلمقدم، رئيس المعهد الوطني للابتكار والتكنولوجيا المتقدمة ومؤسس المنصة.
س: كيف ولدت فكرة إنشاء منصة لتكوين المبرمجين، وما الذي دفعكم لاختيار الاستثمار في هذا المجال؟
منذ سنوات ونحن نحمل حلم تطوير تعليم حديث يعتمد على طرق مبتكرة مستوحاة من التجارب العالمية، بهدف تكوين جيل مغربي قادر على المساهمة في الثورة الرقمية، الفكرة ولدت من قناعة بأن التكنولوجيا لم تعد ترفا، بل أصبحت لغة العصر التي يجب أن يتقنها الجميع، وقد اشتغلنا لأكثر من سنتين على بناء المنصة، لتكون فضاء مفتوحا لكل من يرغب في التعلم، حيث يجد المستخدم مرشدين متخصصين يواكبونه عمليا، وليست مجرد منصة نظرية، بل نظام تعليمي رقمي متكامل.
س: هل تربطكم شراكات مع مؤسسات من القطاعين العام والخاص؟ وكيف تساهم هذه الشراكات في تطوير المنصة؟
نعم، لدينا مجموعة من الشراكات الوازنة على المستويين الوطني والدولي، من أبرزها اتفاقيات تعاون مع مجالس جهات الدار البيضاء–سطات، والرباط–سلا–القنيطرة، وطنجة–تطوان–الحسيمة، إضافة إلى المديريات الجهوية لوزارة الشباب والثقافة، ومؤسسات التربية والتكوين، وهذه الشراكات تساعدنا على إدماج برامجنا داخل المؤسسات التعليمية، وتوسيع قاعدة المستفيدين من تكويناتنا، كما نشتغل مع شركاء من القطاع الخاص لدعم الجانب التقني والابتكاري.
س: ما هي الأهداف القريبة للمنصة؟ وكم مبرمجا تطمحون إلى تكوينه خلال السنة المقبلة؟
هدفنا القريب هو تكوين 200 ألف شاب وشابة في السنة المقبلة، مع طموح استراتيجي لتأهيل مليون مستفيد في أفق عام 2036، نعمل على إدراج البرمجة ضمن المناهج الدراسية في سن مبكرة، لأن اكتساب المهارات التكنولوجية في الطفولة يجعل المتعلم أكثر استعدادا للإبداع والإنتاج لاحقا، تماما كما هو الحال في تعلم اللغات.
س: وعلى المدى البعيد، ما هي رؤيتكم الإستراتيجية للمشروع؟ هل تتطلعون لتوسيع التجربة على مستوى القارة الإفريقية؟
بكل تأكيد، رؤيتنا تقوم على جعل المغرب منصة رقمية إقليمية في مجال الابتكار والبرمجة، ونؤمن أن بلادنا تملك الكفاءات والطاقة البشرية التي تؤهلها لتكون مركزا إفريقيا للتكنولوجيا والتعليم الرقمي، وهدفنا هو توسيع التجربة لتشمل شبابا من مختلف الدول الإفريقية، وتعزيز التعاون جنوب–جنوب في هذا المجال الحيوي.
س: كيف تقيمون مستوى تأهيل المبرمجين في المغرب اليوم؟
الشباب المغربي يملك قدرات هائلة ووعيا متزايدا بأهمية الابتكار، ونلاحظ أن الشركات العالمية أصبحت تستقطب الكفاءات المغربية في مجال البرمجة بفضل مهارتهم العالية، لكن القاعدة ما زالت ضيقة، لذلك نعمل على توسيع دائرة التكوين وإتاحة الفرص أمام أكبر عدد من الشباب لاكتساب مهارات رقمية حقيقية.
س: في نظركم، أين يتموقع المغرب على خريطة البرمجة والابتكار الرقمي عالميا؟
المغرب يحقق تقدما ملحوظا، لكنه لا يزال في مرحلة المسايرة أكثر من الريادة، لدينا مشاريع رقمية مهمة وشراكات حكومية واعدة، غير أن الطريق ما زال طويلا لبلوغ المستوى الذي نطمح إليه، والمطلوب اليوم هو تضافر الجهود بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني لتسريع وتيرة التحول الرقمي.
س: ما الذي ينقص المنظومة الرقمية المغربية لتصبح أكثر قدرة على المنافسة؟
ينقصنا التكامل بين مكونات المنظومة الرقمية، حيث يجب دمج البرمجة والذكاء الاصطناعي بشكل فعلي داخل المناهج التعليمية، وتوفير بيئة تشجع الابتكار والبحث، كما يجب تطوير التشريعات المرتبطة بالاقتصاد الرقمي لجعل المغرب أكثر جاذبية للاستثمار في التكنولوجيا.
س: كيف تنظرون إلى مسار التحول الرقمي في المغرب؟ هل يسير بالسرعة المطلوبة؟
المسار يسير في الاتجاه الصحيح لكنه بحاجة إلى تسريع، كما أشار جلالة الملك، هناك مجالات تتطور بسرعتين مختلفتين، والقطاع الرقمي من بينها، نحتاج إلى تعبئة وطنية تجعل من الرقمنة أولوية استراتيجية، خاصة أن المغرب يملك طاقات شابة قادرة على قيادة هذا التحول بنجاح.
س: من وجهة نظركم، ما مستقبل الذكاء الاصطناعي في المغرب؟
المستقبل واعد جدا، فالمغرب يتوفر على كفاءات متميزة، وعدد من المشاريع بدأت بالفعل في هذا الاتجاه، إذا تم الاستثمار في البحث والتعليم المتخصص، يمكن للمملكة أن تصبح فاعلا مؤثرا في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى المنطقة.
س: ما الخطوات التي يجب اتخاذها للاستفادة من الذكاء الاصطناعي بشكل فعال ومسؤول؟
الخطوة الأساسية هي إدماج الذكاء الاصطناعي في التعليم والتكوين المهني، وتبني إطار قانوني وأخلاقي يضمن استخداما آمنا ومسؤولا للتقنيات الحديثة، كما يجب تشجيع الشركات الناشئة على تطوير حلول محلية قادرة على خدمة الاقتصاد الوطني.
س: هناك حديث متكرر عن فجوة بين التعليم الأكاديمي وسوق العمل.. كيف تسهم منصتكم في سد هذه الفجوة؟
نحن نعمل على تحويل المعرفة النظرية إلى مهارات عملية، فالمنصة تتيح للمستفيدين فرص التعلم التطبيقي والتجريب الميداني عبر مشاريع حقيقية، مما يسهل اندماجهم في سوق الشغل أو إطلاق مشاريعهم الخاصة، وهدفنا هو خلق جيل من المبرمجين والمبتكرين القادرين على بناء مستقبلهم بأنفسهم والمساهمة في تنمية وطنهم.
المزيد من التفاصيل في الفيديو التالي: